Search
Close this search box.

لشبيبة حي الشيخ جراح كل التضامن! كل التضامن مع المقاومة الفلسطينية!

Dilara Lorin, Martin Suchanek

لشبيبة حي الشيخ جراح كل التضامن! كل التضامن مع المقاومة الفلسطينية!

منذ يوم الاثنين الموافق للعاشر من شهر أيار الحالي تقصف إسرائيل غزة بالسلاح الجوي. ذهب ضحية هذا الاعتداء الغاشم 9 أطفال وأصيب أكثر من 109 أخرون. الغارات الإسرائيلية تجاوزت في عددها المئة والخمسين. حكومة نتنياهو والقيادة العسكرية برروا هذا القصف الهمجي بأنه دفاع عن النفس ـ وفي خطوة مرافقة هذا ما أعلنته القوى الإمبريالية والحليفة لإسرائيل. الهجوم الإسرائيلي اعتبر ردة فعل على إطلاق ما يزيد عن 100 صاروخ من أراضي غزة كانتقام من تصرفات حماس والمقاومة الفلسطينية والتي ما توصم عادة بالإرهابية، الإسلاموية أو المعادية للسامية.

باختصار التبرير العقائدي للحكومة الصهيونية كما هو الحال بالنسبة لحلفائها الغربيين ينظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم شعبا عنيفا بالأصل. في هذا المنظور يجب أن تكون الضربات العسكرية مدروسة حتى لا تستمر ردة الفعل عليها لأكثر من بضعة أيام. ما يجري فعلا في هذا الصراع هو ما يتم التكتم عليه. النضال الحالي ضد التهجير القسري للعوائل والبيوت الفلسطينية في حي الشيخ جراح يوضح استمرارية عمل مكينة التهجير القسري والممنهج للشعب الفلسطيني وضم أراضيه من قبل الدولة الصهيونية. هذا التهجير الذي طالما ارتبط بهذه الدولة منذ تأسيسها وتوسعها.

الشيخ جراح

حتى مع امتلاء قنوات الإعلام العالمية بالأخبار والتقارير عن الشيخ جراح، والاصطدامات بين الشباب الفلسطيني والجيش الاسرائيلي والمستوطنين اليمينيين، لا يمكن القول إلا بأن هذه التغطية تخدم إسرائيل والتوجه السياسي الغربي وليس تقديم المعلومات الصحيحة بحد ذاتها.

لم يتم ذكر أن الدولة الصهيونية ومنذ نشوئها قائمة على تهجير الفلسطينيين من بيوتهم وإرغامهم على النزوح في شتى بقاع العالم. لا يتم ذكر المجموعات المحافظة المتطرفة التي تهاجم المحتجين الفلسطينيين السلميين وتطردهم من بيوتهم والتي تتلقى دعما هائلاً من الأحزاب الإسرائيلية الحاكمة. حتى في حالة انتشار كورونا تتلقى إسرائيل المديح على سياساتها ضد الفيروس ولكن دون ذكر سياستها في الأراضي المحتلة حيث لا يملك الناس هناك حق الوصول إلى اللقاح ناهيك عن الانهيار الوشيك للنظام الصحي برمته في تلك المناطق. الفلسطينيون هم بأحسن حالاتهم مواطنون من الدرجة الثانية، محرومون من أبسط حقوقهم المدنية ويعانون من الحصار الدولي خاصة في الضفة الغربية وغزة.

الحكومة اليمينية بقيادة نتنياهو ملتزمة بخط عدائي وعنيف في الاستيطان وتهجير السكان في الضفة الغربية. تحت إدارة ترامب وما يسمى بـ”صفقة القرن” تم إعلان القدس عاصمة رسمية لإسرائيل، مما شكل دعوة مباشرة للحكومة الصهيونية ودوائرها الحكومية والمستوطنين لمتابعة قضم بيوت القدس الشرقية.

ما علاقة حي الشيخ جراح بكل هذا؟

الشيخ جراح هو حي بالقدس الشرقية والذي كان قاطنوه بشكل رئيسي ومنذ تأسيس الدولة الإسرائيلية عام 1948 من الفلسطينيين في حين كان الجزء الغربي من العاصمة مسكونا بأغلبية من المواطنين الإسرائيليين ومن الصعب على الفلسطينيين دخوله. هذا التقسيم وحظر دخول الفلسطينيين الجزء الغربي من المدينة كان جزءا من سياسية واعية والتي طالما سعت إلى تقييد المساحة السكنية والوجود الفلسطيني في المدينة. في الأعوام ما بين 2004 و2016 تم تدمير 685 بيتاً فلسطينيا في القدس. أكثر من 2500 فلسطيني تم تهجيرهم من بيوتهم.

اليوم يعيش أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية في فلسطين والقدس الشرقية. ولكن هذا لم يكن كافيا لأن الحالة في حي الشيخ جراح ليست منقطعة عن توجهات السياسة الإسرائيلية. هذا الطرد التعسفي للناس القاطنين في هذا الحي منذ مئات السنين ما هو إلا استمرار للعرف والتاريخ الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين والذي يشابه ما حدث في أكثر من 538 بلدة ومدينة فلسطينية. خطر التهجير يهدد قاطني حي الشيخ جراح ويجبرهم على اللجوء إما بشكل “قانوني” عن طريق المحاكم الإسرائيلية التي تشرع حقوق ملكية هذه البيوت للمستوطنين أو بطرق غير قانونية عن طريق السماح ببناء المزيد من المستوطنات وشرعنتها. بالإضافة لذلك تخطط حكومة الاحتلال بناء ما يزيد عن 200 مستوطنة على أراضي وبيوت حي الشيخ جراح. هذا التهجير هو جزء من الخطة الإسرائيلية القائمة منذ أربعين سنة على بناء المستوطنات على هذه الرقعة من الأرض كما هو حاصل في الأراضي الأخرى من الضفة الغربية.

الأقصى، القدس والمقاومة

يتظاهر منذ عدة أيانم الشباب الفلسطيني ضد تهجير السكان الفلسطينيين من بيوتهم في القدس الشرقية. الشرطة الإسرائيلية تعاملت بشكل وحشي مع المتظاهرين عن طريق استخدام القنابل الضوئية ورشاشات الماء. المئات من المحتجين أصيبو ومنهم من كانت إصابته حرجة جدا وكل ذلك من أجل الحفاظ على نظام الظلم في تلك المناطق.

بمناسبة يوم القدس والتي تحتفل فيه إسرائيل بسيطرتها على القدس الشرقية في أعقاب حرب الأيام الستة، صعّد المستوطنون الإسرائيليون بيوم 10 أيار من الحالة المتوترة أصلا هناك من خلال إقامة مسير العلم. في ضوء هذا المسير تم الاعتداء على المسجد الأقصى. هذا المسجد الذي يتواجد على الجهة الغربية من مدينة القدس في المدينة القديمة والذي يعتبر من بين أهم الأماكن المقدسة للمسلمين. قبل هذا الاعتداء بأيام علقت يافطات وعبارات تدعو لهذا الاعتداء وتحرض عليه من قبل المستوطنين الإسرائيليين.

ضد هذه الاعتداءات السافرة يناضل العديد من الفلسطينيين بينما يقضي جزء منهم شهر رمضان وهو صائم. تنتشر الصور من حرم الأقصى لشبان فلسطينيين وهم يجمعون الحجارة ويبنون السواتر لصد الاعتداءات من قبل عصابات المستوطنين التي تهز أبواب المدينة. الحالة مستمرة على ما هي عليه منذ أيام وحتى الآن هناك أكثر من 300 مصاب ومصابة من الفلسطينيين.

الاعتداء على مسجد الأقصى يشكل تهجما مباشراً ليس فقط على الفلسطينيين وإنما على كل المسلمين والمقموعين في الشرق الأوسط. في هذا الصدد تم التحريض بشكل مباشر على أذية وانتهاك المشاعر الدينية. ولكن في العمق لا يلعب الدين الدور الأكبر في هذه الاعتداءات بل تكريس حالة قمع الناس على أساس عنصري وقومي وسلبهم حرية الحياة والاستقلالية والفرصة بالعيش الكريم.

المقاومة ضد التهجير هي جزء من النضال الأعم ضد نظام الظلم والقمع والتهجير والاستغلال الاستعماري والإمبريالي، وفي مقدمة هذه المقاومة عادة ما يكون الشباب الفلسطيني الثائر.

اللهيب المستعر

النضال في حي الشيخ جراح وحرم المسجد الأقصى له أثر الصاعق على البارود. في العديد من المدن والبلدات الفلسطينية خرج الشباب، والعمال/ات، والفلاحون/ات والأغلبية المسحوقة إلى الشوارع. في الناصرة وكفر قانا ومدن أخرى تفجرت المظاهرات بين ليلة وضحاها. في غزة تجمهر المئات بل الآلاف على الحدود شديدة التسليح مع إسرائيل.

حماس والعديد من المجموعات المقاومة أطلقوا الصواريخ على إسرائيل في ردٍ على القصف الدموي لسلاح الجو الإسرائيلي. ولكن هذه الأفعال اليائسة في حرب غير متكافئة القوة تظهر بشكل أوضح وحدة الشعب الفلسطيني والذي لا تنفصل كرامته ووجوده عن مقارعة الاحتلال ومقاومته.

هذه المقاومة ضد الاحتلال هي مشروعة في كل صورها. حتى إذا كانت عملية إطلاق الصواريخ على إسرائيل محل تساؤل عن جدواها، نحن كثوريين/ات نفرق بين العنف المستخدم من طرف المقموعين ومن العنف الصادر عن دولة الاحتلال وجيشها ونعلن عن تضامننا مع المقاومة المشروعة.

انتفاضة جديدة تلوح في الأفق. السؤال السياسي هنا: كيف لهذه الانتفاضة أن تنتشر وكيف لها أن تنتصر. التهجير والتوسع الصهيوني والدعم منقطع النظير من جانب إدارة ترامب جعلوا موقف الفلسطينيين أكثر هشاشة وعمقوا الأزمة في الطبقة العاملة والقيادة اليسارية بشكل كبير. حتى مع دعم السلطة الفلسطينية وحماس للاحتجاجات في شرق القدس، نراهم الان يتسابقون لإبرام صفقات مع المحتل الصهيوني كما عهدناهم فيما مضى. حتى حركة حماس لا تمتلك استراتيجية سياسية واضحة تقود للنصر ولم تقدم سوى مشاريع رجعية دينية لا ديمقراطية ولا اشتراكية لا تصب بمصلحة الطبقات العاملة في فلسطين لا من قريب ولا من بعيد.

السؤال الرئيسي يفرض نفسه إذا: كيف يمكن إيقاف القصف الإسرائيلي ونشر رقعة الاحتجاجات من طرف الشباب الفلسطيني وتشكيل قوة ثورية تقدمية في هذا السياق تخدم مصلحة الفلسطينيين بأكملهم. هذا السؤال ليس بالضرورة سؤالا تنظيميا بل سؤال عن البرنامج الذي يجب تبنيه في المستقبل.

حتى يمكن لهذه المقاومة ضد العدوان الصهيوني أن تستمر، يجب أن تكون انتفاضة جديدة تأخذ شكل العصيان المدني في كل الورش والحقول وإيقاف جميع أنواع التنسيق والتعاون مع قوة الاحتلال. فرص الضغط الاقتصادي على حكومة الاحتلال باتت أكثر صعوبة خاصة مع تسريح العمال الفلسطينيين في الشركات الإسرائيلية.

الدور الكبير يجب أن يلعبه تضامن الطبقات العاملة في دول الشرق الأوسط عن طريق الإضرابات ورفض نقل البضائع أو الحوالات المالية لوضع إسرائيل وجيشها تحت ضغط أكبر. هذا ما يمكن القيام به بجانب المسيرات الحاشدة للتعبير عن التضامن. في هذا السياق أيضا يمكن كشف خداع وألاعيب العديد من الحكومات الرجعية المتخاذلة كما في مصر والسعودية ولا ننسى من يقدمون أنفسهم كأصدقاء للشعب الفلسطيني أمثال أردوغان وخامنئي، هؤلاء يجب استبدالهم بقيادة نابعة من رحم الطبقة العاملة تقوم بقيادة ومتابعة النضال ضد الصهيونية.

هذا الضغط يمكن أن يحدث شرخا في الوحدة ما بين الطبقة العاملة ورأس المال الإسرائيلي مما يفتح الأفق لنضال مشترك ما بين الطبقة العاملة الفلسطينية والإسرائيلية مع الفلاحين ضد الصهيونية من أجل دولة موحدة متعددة القوميات تضمن حق العودة لجميع الفلسطينيين.

أخيرا يجب على الطبقة العاملة واليسار في الدول الإمبريالية التضامن مع الشعب الفلسطيني من خلال الخروج إلى الشوارع والإضراب ومقاطعة البضائع وبذلك زيادة الضغظ على إسرائيل لتعليق هجماتها المتكررة على غزة ووقف قمعها في القدس الشرقية. حملات التضامن ودعم المظاهرات في يوم النكبة يجب أن يكونوا في المقدمة لدعم نضال الشعب الفلسطيني في استرجاع حقوقه.

القصف الإسرائيلي وحصار غزة وبناء المستوطنات في الضفة الغربية قضوا على مشروع حل الدولتين. في ضوء القمع والتهجير وتعنت الحكومة الإسرائيلية تبرهن إسرائيل ليست فقط بأنها دولة رجعية بل تكشف خداعها من خلال هذه المهزلة الديبلوماسية. الحل الديمقراطي الوحيد يكمن في إنهاء نظام الفصل العنصري الصهيوني والالتزام بحق العودة لكل الفلسطينيين وإقامة دولة ثنائية القومية على أساس المساواة أمام القانون لكل سكانها بلا تفرقة. الدول الإمبريالية مثل أمريكا، ألمانيا وبريطانيا كما دول الاتحاد الأوروبي يجب أن يفرض عليهم تحمل تكاليف العودة وبناء البنية التحتية والمساكن المطلوبة. حتى لا يقوم هذا المشروع على تناقضات قومية يجب ان ينصهر المكون الديمقراطي مع المكون الاشتراكي من خلال تأميم رأس المال والأراضي.

كلا للاحتلال! لا للقنابل على فلسطين!

كل التضامن مع المقاومة الفلسطينية!

من أجل دولة ثنائية القومية، يحظى كل أبنائها بالحقوق المتساوية بغض النظر عن الإثنية والدين!

من أجل فلسطين اشتراكية كجزء من الدول الاشتراكية المتحدة في الشرق الأوسط!

Content

You should also read
Share this Article
Facebook
Twitter
WhatsApp
Print
Reddit
Telegram
Share this Article
Facebook
Twitter
WhatsApp
Print
Reddit
Telegram